ترجمة بتصرف لمقال الصحفي والمحلل البريطاني بيل لو، الخبير في شؤون الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاندبندنت البريطانية بعنوان: "حرب اليمن أضحت بسرعة كالفوضى والصراع المعقد في سوريا" (17 مارس/اذار 2016).

حرب اليمن أضحت بسرعة كالفوضى والصراع المعقد في سوريا. أضف داعش الى ذلك المزيج، تتشكل لديك مجموعة فتاكة، كوكتيل مختمر من تصرفات أمير سعودي شاب متهور في عجلة رهيبة من أمره.

عندما اطلق نائب ولي العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان عملية "عاصفة الحزم" في 26 مارس من العام الماضي، كان يتوقع بأنها ستكون كالضربة القاضية: "حملة قصف سريعة وفعالة لإعادة الحوثيين الى رشدهم."

كان الابن الاصغر سنا للملك سلمان يظن بانتصاره في حملته العسكرية باليمن سيكتسح منافسه الاكبر سنا وزير الداخلية في المملكة وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وسيبدا بتغيير كاسح بدلا من اتباع التوقعات الأمريكية وقيود شيخوخة أعضاء أسرة آل سعود.

ولكن كما نرى الان، انتهى العام على بدء حملة القصف تلك، واليمن ينغمر تحت الأنقاض واعداد قتلى المدنيين يفوق 3000 شخص.

قد يدعي السعوديون أنهم حققوا أهدافهم ولكن من الصعب ادراكها. الحوثيون لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن.

في الجنوب، جنى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب) مكاسب مذهلة ويسيطر الآن على المحافظة الغنية بالنفط حضرموت ومينائها بالمكلا. كما ان داعش، ليس ببعيد من الاستفادة من الفوضى، أنشأ وجود تهديد.

وعلى الرغم من سيطرة التحالف السعودي على عدن في أغسطس الماضي، لكنها الان اصبحت مسرحا للعديد من الهجمات والعمليات الإرهابية. ومع أن الرئيس المفترض عبد ربه منصور هادي قد تم تثبيته فيها، فان العديد من كبار مسؤوليه تم اغتيالهم، البعض عن طريق القاعدة، والبعض الآخر عن طريق داعش.

أصبح الوضع في مدينة عدن غير آمن، حتى ان الإمارات العربية المتحدة، سحبت قواتها ودورياتها المنتظمة من شوارع المدينة للحد من الخسائر في جنودها.

يتحدث السعوديون ان "المرحلة القتالية تقترب من نهايتها"، واعدين بإعادة الإعمار. لقد كنا هنا من قبل (..) لقد قال السعوديون في ابريل/نيسان الماضي نفس الشيء - إعادة الأمل - واستمروا بالقصف والقاء القنابل في اليمن.

الآن، على الرغم من تراجع شعبية الحرب السعودية على اليمن تصاعدت الخسائر العسكرية بالنسبة لها. كما يقال رسميا أن 300 من جنودها لقوا حتفهم في الحرب مع اليمن، إلا ان مصادر موثوقة أكدت للاندبندنت انه أعلى من هذا الرقم على الأقل بـ10 مرات.

لذلك بدأ السعوديون بالبحث عن وسيلة للخروج من حربهم في اليمن، كما أن الأمريكيين استيقظوا على كيان ووجود تنظيم القاعدة كونه يمثل تهديدا حقيقيا.

وعلى الرغم من الامريكيين زادوا من الضغط على السعوديين لوقف الحرب على اليمن، لكن ذلك لن يكون سهلاً.

والان يتم التفاوض مع الحوثيين. لكن ذلك لن يكون الا وفقا لشروطهم، وهو مايعني ان الأمر محزن بالنسبة للسيد هادي، الذي طالما اعترف به دولياً، ومن المرجح أن يُرمى للذئاب.

الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي دفعه السعوديون من سدة الحكم في 2012 يقاتل اليوم الى جانب الحوثيين، كما لا يزال السيد صالح يتمتع ببقايا كبيرة من الجيش اليمني النظامي. وينظر السعوديون على انه لابد من التخلص منه ليتفاوضوا مع الحوثيين دون تدخل منه (..)

ذهب الإماراتيون الى الحرب على أمل الحصول على عدن والجنوب باعتباره منطقة نفوذ، واستغلال مخاصمة السعودية مع ايران كي تبقى - الامارات - لاعبا قويا من وراء الكواليس.

ثم هناك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. لإخراجهم من حضرموت يتطلب الأمر حربا جديدة كاملة.

إضف داعش إلى هذا المزيج والعنف الذي يغلي في الدولة المجاروة، يتشكل لديك مجموعة فتاكة من كوكتيل مختمر من تصرفات أمير سعودي شاب متهور في عجلة رهيبة من أمره.

باختصار، حرب اليمن أضحت بسرعة كالفوضى والصراع المعقد في سوريا.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.