دخلت قوات النظام السوري السبت بدعم جوي روسي ولاول مرة منذ نحو عامين محافظة الرقة، المعقل الابرز لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يتصدى في الوقت ذاته لهجومين اخرين تشنهما قوات سوريا الديموقراطية بغطاء اميركي في شمال البلاد.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان “قوات النظام بالتعاون مع مقاتلين موالين لها دربتهم موسكو يعرفون باسم قوات +صقور الصحراء+ وبغطاء جوي روسي تمكنوا السبت من دخول الحدود الادارية لمحافظة الرقة” في شمال البلاد.

وبدأت قوات النظام الخميس هجوما من منطقة اثريا في ريف حماة الشمالي وتسببت الاشتباكات بين الطرفين منذ بدء العملية بمقتل 26 عنصراً من تنظيم الدولة الاسلامية وتسعة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وفق المرصد.

ويهدف الهجوم بالدرجة الاولى وفق المرصد، الى استعادة السيطرة على مدينة الطبقة الواقعة على بحيرة الفرات غرب مدينة الرقة، والتي يجاورها مطار عسكري وسجن تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية.

وتقع اثريا على بعد حوالى مئة كيلومتر جنوب غرب الطبقة التي تبعد بدورها حوالى خمسين كيلومترا من مدينة الرقة، مركز المحافظة.

وباتت قوات النظام وفق المرصد، على بعد اقل من 40 كيلومترا من مدينة الطبقة التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في اب/اغسطس 2014، بعد اعدامه 160 جنديا فيها.

وبحسب عبد الرحمن، فانها “المرة الاولى التي تدخل فيها قوات النظام محافظة الرقة” منذ ذلك الحين.

واعلن تنظيم الدولة الاسلامية صيف العام 2014 قيام “الخلافة الاسلامية” على مناطق سيطرته في سوريا وابرزها الرقة وكذلك في العراق المجاور.


– “تنسيق” اميركي روسي –

وياتي هجوم قوات النظام بدعم جوي روسي في الرقة بعد بدء قوات سوريا الديموقراطية التي تضم مقاتلين اكرادا وعربا وبدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة اميركية هجوما مماثلا في 24 ايار/مايو لطرد التنظيم من شمال محافظة الرقة، انطلاقا من محاور عدة احدها باتجاه الطبقة ولكن من ناحية الشمال.

وينفذ التحالف الدولي منذ ايلول/سبتمبر 2014 غارات جوية تستهدف التنظيم في مناطق سيطرته، والذي تستهدفه ايضا ضربات تشنها روسيا منذ ايلول/سبتمبر 2015.

وتعليقا على تزامن الهجومين في الرقة باتجاه الطبقة من جهتي الغرب (النظام) والشمال (الاكراد)، قال عبد الرحمن “يبدو ان هناك تنسيقا غير معلن بين واشنطن وموسكو”.

وردا على سؤال حول التعاون مع واشنطن، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة على “اولوية اتخاذ تدابير مباشرة وفعالة وحازمة في القتال ضد الارهابيين” في اشارة الى التنظيمات الجهادية.

في شمال البلاد ايضا، يتصدى تنظيم الدولة الاسلامية لهجوم ثالث في محافظة حلب، حيث باتت قوات سوريا الديموقراطية على بعد عشرة كيلومترات من مدينة منبج، ابرز معاقله شمال مدينة حلب.

وتمكنت هذه القوات منذ بدء هجومها الاربعاء التقدم والسيطرة على 34 قرية ومزرعة وفق المرصد.

ولمدينة منبج اهمية استراتيجية اذ تقع على خط الامداد الرئيسي لتنظيم الدولة الاسلامية بين الرقة والحدود التركية.

وافاد مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة (اوتشا) في بيان السبت بان الاشتباكات في محيط منبج دفعت 20 الف شخص الى النزوح من المنطقة. واشارت الى ان 216 الفا اخرين معرضون للنزوح في حال اشتد القتال.

في موازاة ذلك، تستمر الغارات الكثيفة لقوات النظام على الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، ما تسبب بمقتل 11 شخصا على الاقل، وفق المرصد.

كما قتل 16 شخصا واصيب اكثر من اربعين بجروح جراء “قذائف اطلقها ارهابيون” على احياء تحت سيطرة قوات النظام في غرب حلب، وفق ما افادت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا”.

ولا تزال طريق الكاستيلو المنفذ الوحيد المتبقي من الاحياء الشرقية باتجاه الريف الغربي بحكم المقطوعة مع استهداف اي حركة عبرها، ما يجعل الاحياء الشرقية “محاصرة تماما في الوقت الراهن” وفق عبد الرحمن.

– مساعدات “محدودة”-

وتعثرت كل المحاولات في الاونة الاخيرة لاستمرار وقف الاعمال القتالية الذي بدأ تطبيقه بموجب اتفاق اميركي روسي في مناطق عدة، خصوصا في حلب وكذلك المساعي الدبلوماسية الرامية لانهاء النزاع الدامي الذي تسبب بمقتل اكثر من 280 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وجددت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطراف واسعة في المعارضة السورية مطالبة الامم المتحدة بالزام النظام السوري بالتقيد بهدنة خلال شهر رمضان تستثني مناطق سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية وبتسريع ادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة.

وقال المتحدث باسم الهيئة سالم المسلط في بيان السبت انه مع بدء شهر رمضان المتوقع الاثنين “دعونا نرى المواد الغذائية والادوية ومساعدات اخرى تدخل” المناطق المحاصرة، داعيا الى الكف عن “الاكاذيب.. والمراوغة، فقط اسمحوا للامدادات بالدخول”.

واعلن مكتب العمليات الانسانية في الامم المتحدة الجمعة ان السلطات السورية وافقت على ايصال مساعدات انسانية برا الى 12 منطقة محاصرة خلال حزيران/يونيو، وسمحت بإيصال مساعدات محدودة إلى مدن المعضمية وداريا ودوما في ريف دمشق. ورفضت دمشق في المقابل ايصال مساعدات إلى حي الوعر في مدينة حمص (وسط) ومدينة الزبداني في ريف دمشق.

ويعيش نحو 600 الف شخص، بحسب الامم المتحدة، في مناطق محاصرة معظمها من قوات النظام، في حين يوجد اربعة ملايين شخص في مناطق يصعب الوصول اليها.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.