كشف المُحلل السياسيّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، باراك رافيد، نقلاً عن مصادر سياسيّة رفيعة المُستوى في تل أبيب، كشف النقاب عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو يستخدم المبادرة المصرية كبديل للاعتراض على المبادرة الفرنسية، حيث قام بالاتصال بعدد كبير من وزراء الخارجية ورؤساء الحكومات لإقناعهم بوجهة إسرائيل نحو السلام الإقليمي ولكن عبر المبادرة المصرية الإقليمية، كما أكّدت المصادر، التي أضافت أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ يتسلح الآن بمبادرة عربية إقليمية لإفشال المبادرة الفرنسية.

وتابعت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن المصادر عينها، تابعت قائلةً إنّ نتنياهو الذي يشعر بالقلق من الحراك الدولي ومن امتناع الموقف الأمريكيّ عن بذل جهد كافٍ لصدّ الفرنسيين، وتخوفه من الفترة القليلة المتبقية للرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، في البيت الأبيض، جعلته يلوح بالمبادرة المصرية وصب كل حماسته على الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، وعلى رئيس الحكومة البريطانية الأسبق طوني بلير، وعلى المبادرة الإقليمية التي يدفعانها إلى الأمام.

وأكّدت المصادر على أنّ هذه هي إحدى الرسائل التي رفعها نتنياهو في المكالمة الهاتفية أمس مع بعض وزراء الخارجية الغربيين: لا للمبادرة الفرنسية، نعم للمبادرة المصرية. وأشار المُحلل الإسرائيليّ إلى أنّ الحديث عن السلام الإقليمي خلق في إسرائيل أجواءً، وكأّن عملية السلام ستنطلق غدًا، وتحول نتنياهو وحكومته إلى راعي السلام الإقليمي. وأوضح أنّ الغريب العجيب والمدهش كيف تقوم حكومة نتنياهو بكلّ أطيافها برفض المبادرة الفرنسية والعمل والتحريض على إحباطها وتشبيهها بمؤامرة “سايكس بيكو” من جهة، وتعلن تشجيعها وتحمسها لمبادرة السيسي من جهة أخرى، إن كانت حقًا مقتنعة بالذهاب لتسوية تتيح حل الدولتين؟

وساقت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ أحاديث نتنياهو ووزير أمنه الجديد، أفيغدور ليبرمان، عن السلام ما هي إلا فقاعات في الهواء تهدف إلى تخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، وشدّدّت على أنّ رئيس الوزراء نتنياهو يتعرض في الوقت الحالي لضغوط كثيرة لعدة أسباب على رأسها الضغط الدولي الشديد الذي قد يتزايد مع نهاية ولاية أوباما، وأيضًا فرصة حقيقية لتدويل الصراع بواسطة المبادرات مثل المبادرة الفرنسية.

علاوة على ذلك، قالت الصحيفة إنّ عبد الفتاح السيسي، الذي لديه مصلحته الشخصية حول تقوية مكانته الدولية، جاء لنتنياهو مثل المعجزة من السماء، كإمكانية لعملية سياسية بديلة تسمح بإهدار الوقت. مبادرة إقليمية، مؤتمر إقليمي، كل ما يأتي مرغوب به. أمّا المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، فقد عقد مؤتمرًا صحافيًا شبّه خلاله المبادرة الفرنسية باتفاقية سايكس ــ بيكو، ورأى أنّ هذه المبادرة ستفشل، كما فشلت هذه الاتفاقية. ولفت غولد إلى أنه قبل 100 عام حاول السيدان مارك سايكس وفرانسوا بيكو فرض نظام جديد في الشرق الأوسط. وجرى ذلك في ذروة الاستعمار في منطقتنا. وقد فشل هذا وسيفشل اليوم أيضًا. وأضاف قائلاً إنّ الطريق الوحيدة لصنع السلام هي من خلال مفاوضات مباشرة ومن دون شروط مسبقة وبدعم دول عربية لا من خلال مؤتمرات في باريس.

وتابع غولد: نعتقد بأنّ الدول العربية قادرة على التأثير في الفلسطينيين من أجل إجراء مفاوضات مباشرة وجدية، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تفضل أنْ تؤثر الدول العربية فيهم بدلاً من أنْ يفكروا في إنشاء بديل للحوار المباشر بيننا وبين جيراننا. وخلُص إلى القول: إذا كان لديك صراع مع جار، لا ينبغي السفر إلى فرنسا وإحضار السنغال من أجل حله، بحسب توصيفه. من ناحيته قال المُحلل رفيف هيخت في (هآرتس) إنّ خطوة نتنياهو هي سياسية: التصالح مع العالم من خلال الخداع، وأنّ إدخال هرتسوغ هو درع إنساني.

ولفت إلى أنّه إذا أراد حزب العمل الانتهاء تمامًا، وكل يوم يبقى فيه هرتسوغ رئيسًا للحزب يقربنا من هذا السيناريو، عليه رفض الدخول إلى حقيبة الماكياج التي يحاول نتنياهو دفعه إليها، وعليه أنْ يستغل الضغط الذي يتعرض له نتنياهو، لطرح المواقف. وحذّر المُحلل من أنّه محظور تبييض نتنياهو، ليس بسبب زوجته سارة، محظور منحه الغطاء لأنه إضافة لكونه رئيسًا للحكومة تفريقي، فهو رجل أرض إسرائيل الكاملة ولا يؤمن بالاتفاق مع الفلسطينيين، ومن لم يستوعب ذلك بعد، يجب أنْ يتلقى العلاج كي يكف عن التجاهل والنسيان، على حدّ تعبير المُحلل هيخت.


من جهته كتب نتان ايشل، المقرب جدًا من نتنياهو، والذي عمل مديرًا لمكتبه إلى أنْ قدم استقالته قبل أشهر بسبب دعوى تحرش جنسي، كتب مقالًا في “هآرتس″ تحت عنوان “اليسار لا يريد سلامًا”، ولكنّ الكثير من المعلقين الإسرائيليين قدّروا أنّ ايشل أخذ ضوءً أخضر من نتنياهو لنشر مقاله، وفي المقال يدعي أنّ نتنياهو قرر خوض غمار التسوية، وهو لذلك بحاجة إلى حزب يميني فضمّ ليبرمان، ويريد التخلص من بينت الذي يعارض كل تسوية، لكنه يجب أن يضمن دخول هرتسوغ للحكومة، على حدّ تعبيره.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.