ما زالت قضية اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيّا موضع نقاش بين أنقرة وتل أبيب على الرغم من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأنّ الاتفاق بات ناجزًا. فقد قال وزير البناء والإسكان الإسرائيليّ يوآف غالانط إنّ اتفاق المصالحة الإسرائيلية التركية بات جاهزًا بكامل تفاصيله تقريبًا، على حدّ تعبيره.

 وتابع غالانط قائلاً، كما أفادت صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّه تمّ بلورة الاتفاقية بيننا وبين الأتراك بكامل بنودها وتفاصيلها تقريبا، ويجب أنْ تساعد إسرائيل الدول الغربية في الحفاظ على تركيا في الجانب الصحيح من المعادلة، قال غالانط في مؤتمر “اتحاد بناة الوطن” وهو اتحاد المقاولين سابقًا.

وأوضح الوزير الإسرائيليّ، وهو من حزب (كولانو)، الشريك في الائتلاف الحكوميّ، أوضح إنّه لاتفاق المصالحة مغزى ومعنى سياسي واقتصادي بالنسبة لإسرائيل، إضافة لتأثيره على قطاع السياحة والطاقة وقطاع البناء، كما قال. وخلُص الوزير الإسرائيليّ إلى القول إنّ تركيّا تتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة وقد حان الوقت لتنظيم منظومة علاقتنا معها، بحسب تعبيره.

على صلةٍ بما سلف، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّه لم يتم التوصل بعد إلى آلية لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة مع إسرائيل، مشيرًا إلى التوافق على كافة الشروط الأخرى للمحادثات التركية الإسرائيلية. وخلال حوار له  مع الصحفيين أثناء جولته الأفريقية أوضح أردوغان أن مفاوضات تطبيع العلاقات مع إسرائيل قائمة منذ زمن طويل، وأنه كان من المخطط توقيع الاتفاق خلال الشهر الماضي غير أن بعض التطورات حالت دون حدوث ذلك.

كما أشار أردوغان إلى أن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لا تزال قائمة للتوصل إلى توافق على آلية لرفع الحصار على قطاع غزة، موضحًا تنفيذ شرط الاعتذار لضحايا سفينة “مرمرة الزرقاء” والاتفاق على تقديم التعويضات لهم. وتناول أردوغان خلال حديثه حاجة قطاع غزة إلى الكهرباء والماء ومواد البناء لإعادة إعمار القطاع بعد ما لحق به من دمار طال البيوت والمستشفيات والمدارس، ولفت إلى أنّ إسرائيل وافقت على إرسال هذه المواد إلى قطاع غزة عبر تركيا.

وذكر أردوغان أنّ تركيا تقدمت باقتراح يتضمن إرسال سفينة لتوليد الكهرباء ترسو بالقرب من ميناء أسدود، في جنوب الدولة العبريّة، وهو الأمر الذي رفضته الحكومة الإسرائيلية بدعوى أن رسو السفينة في الميناء غير مناسب لتتقدم بمقترحات أخرى وافقت عليها تركيا. وقال أردوغان إنّ الأمر مرهون بالحكومة الجديدة وتأثير وزير الأمن الجديد أفيغدور ليبرمان على الاتفاق.

جدير بالذكر أنّ ليبرمان كان قد أعلن سابقًا عن معارضته الشديدة للمصالحة مع تركيا، تعتذر تل أبيب من خلالها عن الأحداث الدامية التي رافقت أسطول الحرية وتدفع تعويضات لعائلات النشطاء القتلى. وذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة أنّ ليبرمان وجّه انتقادات شديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية الاتصالات التي يجريها مع تركيا لإعادة العلاقات بين الدولتين وقال مقربون منه إنّ الاعتذار لتركيا هو خضوع للإرهاب.

وأفادت صحيفة هآرتس أنّ نتنياهو أطلع ليبرمان على الاتصالات مع تركيا وأنّ الأخير تحفظ عليها في محادثات مغلقة جرت خلال الأيام الماضية، لكن الانتقادات أصبحت علنية الآن. وكان وزير الأمن الإسرائيليّ السابق، موشي يعلون، قد قال في مؤتمر صحافيّ عقده في جنيف، في شباط (فبراير) الماضي أنّه ينبغي على أنقرة أنْ تستجيب لمطالب تل أبيب في كل ما يتعلّق بتسوية النزاع معها. وألمح إلى أنّه يعتقد أنَّه ليس مضمونًا أنْ يتوصل الطرفان إلى اتّفاق.

وقال إنَّ تركيا تستضيف حاليًا في اسطنبول مقرًا إرهابيًا لحماس الخارج، وهي بشكل عام تدعم حماس والإخوان المسلمين. وشدّدّ على أنّه ليس واثقًا بأنّ تل أبيب وأنقرة ستتوصّلان لاتفاق. وتابع: من الجائز أن يحدث هذا. ولكن عليهم أن يستجيبوا لشروطنا حتى نتمكّن من التغلّب على هذه العقبات. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنَّ يعلون، الذي تحدّث عن شروط إسرائيلية لم يعلن عنها، إلّا أنَّ هذه الشروط نوقشت بإسهاب.

وكانت “هآرتس″ قد ذكرت أنَّ من بين الشروط الإسرائيليّة للمصالحة مع تركيا، إعادة جثماني الجنديين اللذين سقطا في الحرب الأخيرة على غزَّة وبقيا في أيدي “حماس″. وأشار يعلون في كلامه إلى أنَّ تركيا وإسرائيل أدارتا في الماضي شبكة علاقات ممتازة حتى الانتخابات التركية في العام 2012 حينما فاز رجب طيب أردوغان.

وأضاف أنّه منذ ذلك الحين، لسنا نحن من بادر إلى تدهور العلاقات، وإنّما أردوغان هو من فعل ذلك. والمثال على ذلك سفينة مرمرة، مُوضحًا أنّه منذ ذلك الحادث حاولت إسرائيل تسوية النزاع، بل إنني شخصيًا قدت وفدًا وفشلنا. لقد حاولنا مرات ومرات، على حدّ قوله.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.