اعتبرت صحيفة عربية أن الدعوة لتشكيل كيان جنوبي، من قبل محافظ عدن، اللواء عيدروس الزُبيدي، يأتي في سياق انتقال الرياض للبحث عن خيارات أخرى أكثر تعقيداً و خطورة من خلال تقديم مشاريع سياسية للدفع باتجاه تقسيم اليمن.

و حسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أن تشكيل كيان سياسي جنوبي، هو أحد هذه الخيارات، مع الإبقاء على خيار الوحدة في دولة مركزية ضعيفة في حال استجد أي تراجع في جبهات الشمال. واصفة هذا الخيار بأنه رهان خيالي يراود قادة السعودية.

و نوهت إلى أن الدعوة لتشكيل هذا الكيان جاءت بعد زيارة الزُبيدي إلى السعودية والامارات.

و برر الزُبيدي دعوته بأنها رد فعل على إعلان «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء. مقدما «إغراءً» للجنوبيين عبر هذا الطرح، و مدعياً أنهم جزء من النسيج الاجتماعي لدول مجلس التعاون الخليجي من جهة، و من وجهة ثانية غلف إعلانه بمسمى مذهبي متماشياً مع سياسة السعودية القائمة على التحريض والفرقة بين المسلمين، حد ما أوردته الصحيفة.

و نقلت الصحيفة، عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة” و حضرت لقاءات التشاور لتشكيل هذا الكيان، أن محافظ عدن لا يملك رؤية شاملة و مكتملة لمشروع المكون السياسي الجديد، وأن كل ما قُدم حتى الآن، لا يعدو كونه أفكاراً أولية بحاجة لدرس عميق.

و أشارت أن الزبيدي أوعز إلى العديد من القيادات والأكاديميين تقديم رؤى سياسية كمسودات يقوم فريقه بجمعها ف ما بعد لصياغة النص النهائي لقانون هذا الكيان و الهدف من إنشائه والآليات التي تحكم عمله.

و لفتت إلى أن الصعوبة الأولى التي تواجه هذا الكيان هي قضية الانفصال عن الشمال.

و قالت: تفيد معلومات بأن دول الخليج لن تسمح حتى هذه اللحظة إلا بسقف الفدرالية في ظل حكومة مركزية، عوضا عن أن عيدروس الزبيدي، موظف عيّنه “هادي” و هو ما يضع الزبيدي في موقف حرج.

و توقعت أن تظهر في مراحل مقبلة من العمل الانقسامات العمودية بين المكونات و الشخصيات الجنوبية بين مُطالب بانتهاز الفرصة و فرض الانفصال كأمر واقع عن الشمال، و طرف آخر يعتبر مصلحة الجنوب في الوحدة مع الشمال.

و أشارت إلى أن السقوف المرفوعة من السعودية في الوضع الحالي، ترمي إلى إجراء اختبار أولي عبر تشكيل هذا الكيان بانتظار تبلور رؤية واضحة للمرحلة اللاحقة (شمالاً و جنوباً) لا سيما أن أي انعقاد لهذا المكون سيكون بيدها زمام استمراره أو فرطه، على أن تخطو الخطوة التالية بناء على مصالحها في حينها.

و حسب مصادر الصحيفة، تبذل الإمارات جهوداً كبيرة من أجل إقناع عدد من القيادات الجنوبية التاريخية بالموافقة على الكيان خارج طرح الانفصال، أقله في الوقت الحالي.

و قالت: لهذه الغاية، عمل مسؤولون إماراتيون على التواصل مع “علي سالم البيض” الذي غادر الإمارات في الأشهر الماضية بسبب موقفه الثابت من الانفصال عن الشمال، و عدم تلقيه معاملة لائقة من الإماراتيين.

و أضافت: نجحت الاتصالات حينها بثني البيض عن مواقفه السابقة، فأصدر بياناً يؤيد فيه تشكيل هذا الكيان متجاوزاً عقدة الانفصال السابقة، التي كان قد انقلب على تحالفاته السابقة من أجلها، إضافة إلى تلقيه «وعود تحفيزية» على المستوى الشخصي.

و نوهت إلى أن إعلان الزبيدي الموالي للإمارات يشي عن نية بتشكيل هذا الكيان الجنوبي، بعدما ثبت لصناع القرار الخليجي أن اليمن لم يعد قابلاً للتطويع والوصاية.

و اردفت: يحاول صاحب القرار السعودي إيجاد بدائل للتعامل مع حالة الاستعصاء هذه، حيث أصبحت الحرب تشكل عبئاً كبيراً على المدى البعيد مع تراكم الانجازات اليمنية على الحدود بين البلدين.

و حسب الصحيفة، لم يعد التحذير من «خطر وجودي» و«استراتيجي» صادر عن خيال كتّاب معارضين للسعودية.

و أشارت الصحيفة إلى انخرط كتاب سعوديون في كتابة مقالات تحذر النظام من خطورة الاستمرار في هذا الخيار الضيق الذي أوصل البلاد إلى الأفق المسدود في صراعات اليمن والعراق وسوريا، و انعكاس ذلك على الداخل السعودي بالتزامن مع تردي الأوضاع الاقتصادية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، و إفلاس العديد من الشركات العملاقة في البلد جراء توقف المشاريع الكبرى وعجز الدولة عن دفع المستحقات المالية لتلك الشركات.

و لفتت الصحيفة، إلى أن الخيارات المتاحة لدى الرياض تصب بأجمعها في تفتيت اليمن وتجزئته وإفقاده قوته الفاعلة في المنطقة وتشتيت شعبه وتوزيعه قبائل ومذاهب ومناطق، وتقسيم ثرواته الطبيعية.

و ارجعت الصحيفة ذلك، إلى أن الشعور السعودي بوحدة اليمن خارج فلكها سيظلّ مسكوناً بالمقولات التاريخية «العائلية»، و هاجساً يتحكم في عقول العائلة الحاكمة بعيداً عن السياقات السياسية وحسابات الربح والخسارة.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.