بينما كان الجدل يدور حول حقيقة «احتلال» دولة الإمارات العربية المتحدة لجزيرة سقطرى اليمنية، الواقعة في البحر العربي، مر خبر آخر مرور الكرام، رغم أهميته، وارتباطه بصورة أكثر وضوحاً بموضوع النفوذ الإماراتي في اليمن.

و يتحدث الخبر المذكور عن وصول ثلاثة ألوية عسكرية، جميع منتسبيها من أبناء محافظة الحديدة، إلى اليمن للمشاركة في عملية تحرير المحافظة، بعد أن تلقت تدريبات عالية المستوى في الإمارات خلال الأشهر الماضية.

و رغم أن المعلومات عن الألوية الثلاثة لا تزال شحيحة، وربما أريد لها أن تكون كذلك، بعد إثارة موضوع النفوذ، إلا أن مهام تلك الألوية لن تختلف عن مهام قوات سابقة دُربت في الإمارات، وفقاً لتوقعات متابعين ومحللين.

ضوء أخضر

في هذا السياق يرجِّح محللون، في حديث إلى «العربي»، أن يكون «التحالف العربي» قد حصل على ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية لعملية عسكرية في الحديدة، مقابل تولي الإمارات مهام المحافظة الأمنية، بعد ذلك، عبر الألوية المذكورة.

و يذهب المحللون، الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، إلى أن الدور الذي ستلعبه هذه الألوية لا يختلف عن الدور الذي لعبته وتلعبه قوات «الحزام الأمني» المدعومة من الإمارات في كل من عدن و أبين، جنوبي البلاد، و«قوات النخبة» في محافظتي حضرموت و شبوة.

و يشير المحللون إلى أن القرار الأمني والعسكري في أكثر من نصف مساحة اليمن، بات حالياً بيد دولة الإمارات، عبر أدواتها المحلية.

و يرون أن المهام المعلنة لهذه القوات، والمتمثلة في «الحرب على الإرهاب»، تحول دون الحديث عن «مهامها الأخرى»، خشية أن يوضع في خانة «دعم الإرهاب».

دور أمريكي

و يقول مختصون في شؤون النزاعات المسلحة إن الولايات المتحدة الأمريكية مع وجود أمني وعسكري قوي للإمارات في اليمن، لحسابات تتعلق بملف «الحرب على الإرهاب»، كونها لا تثق بقدرة وجدّية حكومة عبد ربه منصور هادي في هذا الجانب، وأيضاً لوجود تنسيق وتعاون كبيرين بينها وبين الإمارات، وهو ما كشفته عملية الإنزال الجوي في منطقة يكلأ بمحافظة البيضاء، وسط البلاد، أواخر يناير الماضي.

و يضيفون: «لا شك أن الولايات المتحدة ستكون مطمئنة لوجود الإمارات في اليمن، وستعمل على دعم أي نفوذ لها في هذا البلد الذي تعاملت مع كل قضاياه وأزماته، منذ سنين، وفق ما تقتضيه مخاوفها ومصالحها، بعيداً عن مخاوف ومصالح اليمنيين”.

كما إن نفوذ الإمارات في جزيرة سقطرى، بحسب حديث المختصين إلى «العربي»، قد يكون مجرد غطاء لتواجد أمريكي عبر قاعدة عسكرية في الجزيرة.

و لا يستبعد المختصون أن تكون المملكة العربية السعودية مع هذا الدور «لكنها مضطرة لإخفاء وجهها خلف الإمارات خشية أن ينتقم منها اليمنيون في المستقبل».

النخبة التهامية

و عودة إلى موضوع الحديدة، يشير هذا الإستعداد الإماراتي إلى أن قرار العملية العسكرية قد اتخذ، وأن انطلاقها مسألة وقت لا أكثر، وهو ما تؤكده أيضاً تصريحات المسؤولين اليمنيين والسعوديين المتصاعدة حول استخدام «أنصار الله» ميناء المحافظة لتهريب السلاح.

و بغض النظر عن نتائج هذه العملية، يبدو أن سعي الإمارات إلى «ابتلاع» جزء آخر من اليمن، من بوابة «الحرب على الإرهاب» وعلى «نفوذ إيران»، وعبر قوات «النخبة التهامية» حسب التسمية المسربة، هو الهدف الذي لا يزال «التحالف» يحارب لأجله في هذا البلد.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.