تحولت "الشرعية الرخوة" بفسادها وغياب قيادة قادرة، من صاحبة حق في إدارة أمر البلاد إلى "طرف" هزيل شاحب يستجدي و"يئن" كي يستمع له العالم!، ولا يسمح له بحضور أي اجتماع للفاعلين الحقيقيين في اليمن.
لم يبق من مظهرها سوى وزراء يتنقلون بغير هدف وبلا مهارات لزيارة أسرهم في المهجر!
فأمر يدعو للسخرية أن تجري كل اللقاءات السياسية لتحديد مستقبل اليمن على هامش الجمعية العامة (للأمم المتحدة)، في غياب وزير الخارجية.
كان من الممكن تكليف المندوب في الأمم المتحدة للحضور وتوفير المصروفات.. لكنها في كل الأحوال مناسبة للسياحة وزيارة الأهل!
أما وزير الخارجية في أول إطلالة له أمام الإعلام بنيويورك، ناشد العالم إلا ينسى قضية اليمن والحرب فيها!
هل كان الوزير جاداً ليذكر المجتمع الدولي بواحدة من أكثر الكوارث الإنسانية تداولاً في العالم؟، أم مجرد كلام "فض مجالس" واستعراض لقدرات لغوية باهتة!
لهذا أذكره أن بلده يحتاج لأداء أفضل.
في ذكرى وفاة الأستاذ أحمد محمد نعمان (26 ابريل 1909 - 27 سبتمبر 1996)، نقتطف هذه الفقرات من رسالة كتبها الأستاذ لصديقه الشيخ عبدالعزيز التويجري في 27 يونيو 1985 :
(اليوم ويدي صفر من نتيجة آمالنا الكبار التي سقط من اجلها الشهداء في اليمن، لا شيء أقوله إلا: اللهم لطفك ورحمتك بعبادك الضعفاء. إنني أترك كل شيء، فليظلمني من يظلمني سامحه الله، وليذكرني بالخير من يذكرني جزاه الله خيرا. لن احمل فأساً اهدم به هذا وأعفي منها ذاك).
(رحم الله قومي وأهلي من يمنيين وغير يمنيين. لقد اختلفت كثيراً مع الآخرين، وحملتني تصوراتي على معاداة حكام بلادي من الأئمة وغيرهم، من أجل المستضعفين من شعب اليمن، وطال الخلاف ودخلت السجون وتشردت، كم سُجن وتشرد كثيرون من أهلي وأسرتي وغيرهم من المواطنين).
(وأؤكد لك يا أخي، أني كما ودعت السياسة ودعت كل شيء، ولم يبق غير غربتي مع الناس ومع الزمان والمكان).
وهذه رساله وجهها الأستاذ الى عبدالرقيب عبدالوهاب:
إنكم صباح مساء تنددون بالمرتزقة وتعلنون أنكم في حرب مع المرتزقة، وخلال ست سنوات ولا كفاح ولا نضال إلا ضد المرتزقة.. والواقع الذي ينبغي علينا أن نصارح به أنفسنا هو أنه لا يوجد شعب كشعب اليمن تحول معظم أبنائه إلى مرتزقة يقاتل بعضهم بعضا ويأخذون المال والأجر على قتال إخوانهم وأبنائهم ومواطنيهم.
إن علينا أن نغير هذا الواقع فلا نتجاهله ولا نغض أبصارنا عنه حتى لا نكون كالنعامة التي تغرس رأسها في الرمال لتخفي نفسها عن الصياد.. إن العالم يشهد هذا الواقع اليمني وإن تجار الحروب يستغلونه لتحقيق أهدافهم وحماية مصالحهم.
إن المرتزقة ظاهرة إجرامية خطيرة تكافحها الشعوب المتحضرة كما تكافح الأوبئة، والأمراض والعاهات.. وإن أية فئة أو حكومة تستغل النفوس الضعيفة والفئات الجاهلة الفقيرة وتحولها إلى عصابات مسلحة تشجعها على الارتزاق بالقتل وسفك الدماء باسم حرب التحرير والكفاح الوطني وتحت ستار الشعارات المضللة.. إن هذه الفئة أو الحكومة التي تصنع هذا الصنيع إنما تسجل على نفسها التجرد عن كل معنى من معاني الإنسانية والانحطاط إلى الدرك الأسفل من الهمجية والوحشية والإجرام.
من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك