حين يلج الزائر موزع، تتملكه الدهشة للمعالم الأثرية والتاريخية التي تزخر بها، والتي ظلت لعقود زمنية تقاوم الاندثار، لكن ما يؤلم الزائر لموزع اليوم هو الخطر الذي بات يهددها، فبعض تلك المعالم واجهت النسيان، ولم تحظ بالترميم الذي تستحقه طيلة السنوات الماضية حتى بدا كثير منها وقد تصدعت وتسللت إليها مياه الأمطار، مما يهدد باندثارها تماماً.

من أهم تلك المعالم، الجامع الكبير بمديرية موزع ويقع في وسط المدينة، وقد ورد عن هذا الجامع في كتاب طبقات صلحاء اليمن، أن الذي ابتدأ بعمارته، هو العلامة الصالح الزاهد جمال الدين محمد بن نور الدين الخطيب الموزعي، صاحب كتاب تيسير البيان في أحكام القرآن، وحين عجز عن إتمام بنائه، أرسلت إليه "جهة فرحان" زوجة السلطان الأشرف بن الافضل بالمال ليكمل به عمارة الجامع، وقد تقادم العهد به وبدت عليه آثار التشققات التي سمحت بالمياه للتسرب إليه.

يقول إمام وخطيب الجامع الكبير، صادق علي صديق، إن الجامع يعاني من إهمال كبير ويحتاج إلى ترميم شامل داخلياً وخارجياً حيث إن السقف آيل للسقوط والأمطار تتسرب من الشقوق التي ظهرت، أما جدرانه فهي في انهيار متسارع وقد أكل عليها الدهر وشرب، ومنارته المرتفعة تكاد أن تسقط، وقبابه متصدعة ومهدد بالسقوط في أية لحظة.

قبة سعيد

تقع قبة سعيد، قرب الجامع الكبير من الجهة القبلية ويرجع تاريخها إلى ألف عام تقريباً، وبداخلها ضريح سعد بن علي الحضرمي المصنوع من خشب الساج.

والقبة مبنية من الأعلى بالياجور، وفي الأسفل بنيت بالأحجار السوداء المقاومة للرطوبة والأملاح، لكن مع مرور الزمن تصدعت وتشققت من أعلاها بفعل الرياح والأمطار التي تسربت للداخل فتهدمت قبل حوالى ثماني سنوات، وسقطت على الضريح فتحطم وبقى ركامها إلى الآن.

أما قلعة السلطان فتقع فوق جبل النصر إلى الجنوب من مدينة موزع، ويعود تاريخ بنائها إلى العام الذي دخل فيه العثمانيون إلى اليمن، وقد كانت مقراً للعامل في أيام الحكم الإمامي البائد.

تتكون القلعة من دورين، الدور الأول سجن والدور الثاني مقر وسكن للحاكم، وبجانبها من الجهة الشرقية كانت مخازن للحبوب وعلف للخيول، وقد تعرضت للهدم قبل حوالى عشر سنوات لبناء خزان مياه بدلاً عنها.

أما قبة المحولي، والتي ذكرناها في تحقيق سابق، فتقع خارج المدينة من الجهة الجنوبية الغربية وبالقرب من جبل النصر وقلعة السلطان، وفيها ضريح مبني من الياجور، أما القبة فبنيت بالأحجار، ويعود تاريخها إلى حوالى 600 عام، ورغم ما كانت عليه من جمال هندسي بديع، إلا أن هناك من طاوعته نفسه على هدمها قبل نحو عام متذرعاً بأنها من البدع.

قبة السيد حسين

تقع "قبة حسين" قرب مسجد الفتيني وتطل على سوق المدينة من الجهة الشرقية ويعود تاريخ بنائها إلى ما قبل تسعمائة عام، وهي مبنية من الأسفل إلى الأعلى بالياجور وبداخلها ضريح، لكنها تشققت وتصدع أجزاء منها إلى حد أن الناظر لها يراها وكأنها على وشك السقوط.

يقول المهتم بالتراث ومدرس التاريخ عبد الرزاق طبلة، إن مسألة الحفاظ على المعالم الأثرية والتاريخية في موزع باتت أمراً مهماً، خصوصا وأن بعضها تهدم والبعض الآخر على وشك السقوط بسبب الإهمال والظروف المناخية، كونها مبنية من مادة الياجور.

طبلة ، طالب الجهات الرسمية بالعمل على وجه السرعة في الحفاظ على ما تبقى من المعالم الإسلامية في موزع.

يضيف، إنها إرث تاريخي عريق، ينبغي أن تحظى بالاهتمام والرعاية الرسمية، كي تبقى شامخة ومقاومة لكل عوامل الاندثار.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.