قال وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، إنه استدعي سفير أنقرة لدى بلاده، كما أبلغ نظيره التركي، مولود جشاووش اوغلو، برفض تونس لتصريح الرئيس رجب طيب اردوغان الذي انتقد فيه قرار الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.
وكتب الجرندي على صفحته في موقع تويتر: “أجريت اتصالاً مع وزير خارجية تركيا كما تم استدعاء السفير التركي، وأبلغتهما رفض تونس تصريح الرئيس اردوغان واعتباره تدخلاً في الشأن التونسي وأن علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني واختيارات الشعب التونسي دون سواه وأن بلادنا لا تسمح بالتشكيك في مسارها الديمقراطي”.
كما أعربت وزارة الخارجية، في بلاغ صفحها في موقع فيسبوك، عن “بالغ استغرابها من التصريح الذي أدلى به الرئيس التركي بخصوص تونس”، معتبرة أن هذا التصريح “تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي، ويتعارض تماماً مع الروابط الأخويّة التي تجمع البلدين والشعبين ومع مبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول”. وأكدت أن “تونس بقدر التزامها بثوابت سياستها الخارجية وحرصها على بناء علاقات وثيقة مع الدول الشقيقة والصديقة قوامها التعاون والتضامن والتشاور والثقة المتبادلة، فإنها أيضاً تتمسك باستقلال قرارها الوطني وترفض بشدّة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه”.
كما أشارت إلى أن تونس “دولة حرة مستقلة والشعب فيها هو صاحب السيادة وهو المخوّل الوحيد لاختيار مسار تحقيق الحرية الحقيقية التي تحفظ أمنه وتصون كرامته وتدعم حقوقه وتعزز كل مكاسبه وتقطع مع رواسب الماضي ومع مسار الديمقراطية الشكلية التي لا علاقة لها بإرادة التونسيين والتونسيات”.
وجاء بلاغ الخارجية بعد ساعات من لقاء الرئيس قيس سعيّد بالجرندي، حيث أكد سعيد رفضه “التدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا بأي شكل من الأشكال”.
وأثار بلاغ الخارجية انتقادات من قبل بعض الدبلوماسيين، حيث كتب الخبير الأممي السابق عبد الوهاب الهاني “ليس من حق وزير التَّدابير الخارجيَّة في حكومة الرَّئيس أن يستنجد بقاموس ستاليني مُعادٍ للدِّيمقراطيَّة، ويعتبرها “شكليَّة” على سُنَّة الدّيِكتاتور جوزيف ستالين.
ولا أن يحصر مطالب التُّونسيِّين في “الحرِّيَّة” و”الأمن” والكرامة” و”الحفاظ على المكاسب” فقط، وينزع الدِّيمقراطَّيَّة من اهتمامات ومطالب وطموحات التُّونسيِّين”.
وأضاف: “ليس من حقِّ وزير خارجيَّة التَّدابير، الَّذي جاءت به الدِّيمقراطيَّة، أن يدعو للقطع مع “مسار الدِّيمقراطيَّة” واصفاً إيَّاها بـ”الشَّكليَّة”، والادِّعاء بأنَّها ليست لها علاقة بإرادة التُّونسيِّين. فمن فوَّض وزير التَّدابير الخارجيَّة الاستثنائيَّة المؤقَّتة للحديث باسم “إرادة التُّونسيِّين والتُّونسيَّات”؟ ومن أوحى من شياطين الفاشيَّة لوزير التَّدابير بـ”القطع مع مسار الدِّيمقراطيَّة؟”.
وعلّق السفير السابق إلياس القصري بالقول: “لهجة غريبة وخارجة عن نواميس الدبلوماسية”، داعياً إلى الابتعاد عما سماه “اللغو الأيديولوجي” واستدعاء السفير التونسي في أنقرة للقيام بمشاورات مع سلطات بلده في تونس. فيما أدان حزب التحالف من أجل تونس تصريح اردوغان، معتبراً أنه “تدخّل صريح في الشأن الدّاخلي للجمهورية التونسية وتعدٍّ على سيادة القرار الوطني، في مخالفة واضحة للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية”.
كما اعتبر الحزب -الذي يؤيد الرئيس سعيد- أن قرار حل البرلمان “تم اتخاذه استجابة لإرادة الشعب التونسي، وصار بذلك قراراً سيادياً للدولة التونسية التي ينص الفصل 72 من الدستور على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور”.
ودعا الحكومة التونسية إلى إلغاء الاتفاقية التجارية مع تركيا “كأبسط ردّ فعل وطني مناسب لهذا الاعتداء السافر من اردوغان على السيادة الوطنية”.
كما طالب الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية والاجتماعية بـ”الإدانة الصريحة لتصريح اردوغان وتدخّله السافر في الشأن الداخلي واعتبار كل من يتفاعل معه عميلاً وخائناً للوطن والشعب التونسي”.
وكان الرئيس اردوغان اعتبر أن حل البرلمان المنتخب في تونس يشكل ضربة لإرادة الشعب التونسي.
وقال، في بيان نشرته الرئاسة التركية: “نأسف لحل مجلس نواب الشعب الذي عقد جلسة عامة في تونس بتاريخ 30 مارس/آذار 2022، ولبدء تحقيق بحق النواب الذين شاركوا في الجلسة”.
كما أعرب عن مخاوفه من أن يؤدي القرار لـ”إلحاق الضرر بالمرحلة الانتقالية الجارية نحو إرساء الشرعية الديمقراطية في تونس”.
يُذكر أن الرئيس قيس سعيد قرر قبل أيام حل البرلمان التونسي بعد ساعات من جلسة افتراضية عقدتها المجلس وصادق خلالها على قرار يلغي التدابير الاستثنائية لسعيد.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.