يقرب جهاز الكمبيوتر اللوحي “آي باد” المستقبل في ثورة انتقلت من وسائل النشر والاعلام الى الصفوف المدرسية وطرق التعليم.
وبدأت مجموعة من المدارس استخدام الجهاز اللوحي “آي باد” في الصفوف المدرسية والمختبرات منهية دور الكمبيوتر المكتبي والمحمول في ظاهرة تتصاعد باضطراد في أكثر من بلد في العالم لتظهر علاقة جديدة من المعلم والطالب.
ويغري الجهاز الصغير الخالي من الازرار والاسلاك والروابط التلاميذ ليقولو “وداعا للحقيبة الثقيلة ووداعا للواجب المنزلي ووداعا لكتب المراجع المتراكمة”.
وبدأت ملامح جيل جديد ينشأ بعيداً عن الكتاب التقليدي، الامر الذي يغير طبيعة تقديم المعلومة لتصبح ضمن محتوى تفاعلي، كما ستركز طبيعة الامتحانات والواجبات المنزلية على الخيارات المختلفة أكثر من التركيز على الحفظ بسبب استخدام الكمبيوتر اللوحي.

ويرتبط شيوع استخدام الاجهزة اللوحية بوجود بنية تقنية قوية، مما يستلزم ايجاد خيارات موازية في حالة عدم توفرها في منطقة معينة.
ويتطلب تدريباً كبيرا للمعلم الذي قد يكون بوضع أصعب من حتى تلاميذه في تقبل التقنيات.
ويرى مراقب اعلامي ان طبيعة التعليم عبر الاجهزة اللوحية ستفتح الباب لموضوعات متنافذة بعيدا عن الجمود الذي يصاحب حصرها بمادة واحدة.
وقال من العاصمة البريطانية لندن لـ “ميدل ايست اونلاين” “أن درس التاريخ لم يعد درس تاريخ فقط، بل يربط السياسة والجغرافيا.. وهكذا بالنسبة للعلوم”.
الا ان هذه “الثورة اللوحية ” في جانبها الآخر قد تحمل معها بعض المحاذير التي قد تقود الى كسل التلاميذ او قلة تركيزهم او تشتتهم.
ونجح استاذ في أحد المدارس الاسكتلندية في تغيير نمط التعليم الشائع داخل الصفوف عبر استخدام الجهاز اللوحي “آي باد” والاندماج بتكنولوجيا تعليم غير تقليدية.
وتحدث “فريزر سبيرس” عن التغيير في ذهنية التلاميذ بمدرسته الاسكتلندية بعد استخدامهم جهاز “اي باد” في التواصل مع المدرس واداء الواجبات البيتية والمحادثة فيما بينهم لاعداد التقارير والاجابة على الاسئلة في عالم افتراضي وواقعي في آن واحد.
وواجه سبيرس صعوبة في توفير بعض التطبيقات على جهاز “اي باد” التي تتوافق مع المادة التعليمية، اضافة الى معوقات لوجستية مثل توفير الاجهزة، قال انها اسهل في تجاوزها بالنسبة الى التطبيقات التكنولوجية التي يفترض بشركة آبل توفيرها على جهازها اللوحي.
ولم يعر سبيرس بالاً للمحاذير التي يطلقها بعض المعلمين حول التاثيرات المستقبلية للاجهزة على ذكاء التلاميذ، مؤكداً بانه في العام 2023 ستصبح التكنولوجيا اللوحية امراً شائعا من المنزل الى المدرسة، وسنقبل بها كما نقبل اليوم بالورق في حياتنا.
وسبق وان أوصى مؤتمر التعليم التكنولوجي في ابوظبي بضرورة استبدال الكتب المدرسية بالكمبيوتر اللوحي الـ “آي باد” باعتباره مطلبا مهما لتطوير العملية التعليمية بدولة الامارات والوصول بها الى مرحلة التعليم التكنولوجي.
واوصى الخبراء خلال المؤتمر على أن “آي باد” يمكن ان يحتوى على كافة الكتب الدراسية بشكل الكتروني كما انه يحافظ عليها من اي تلف ويسهل الوصول الى أي جزء من الكتاب بلمسة واحدة على الجهاز اضافة الى امكانية الدخول على الانترنت وزيادة وتوضيح المادة العلمية بالكثير من الادوات والمواد والرسوم التي تخدم الكتب وتطور من محتواها، كما ان هذا الجهاز يتوافق مع ميول ورغبات شباب اليوم ويخلصهم من مشكلة ثقل الحقيبة المدرسية.
واكد الخبراء على ضرورة الاخذ بنظام “التعليم التفاعلى التكنولوجي” الذي يطبقة معهد التكنولوجيا التطبيقية مع طلبتة تحت شعار “فصول بلا حدود” حيث يتوفر الشرح الالكتروني على الانترنت لجميع المواد الدراسية كما يمكن للطلبة تقديم كافة استفساراتهم الي معلميهم من خلال هذا البرنامج عن طريق التحدث المباشر عبر الكاميرات الرقمية وكافة الاجهزة الالكترونية مما يعني توفير المادة العلمية للطلبة طوال الاربع والعشرين ساعة بالطريقة التي يحبونها وفي اي مكان وزمان.
وبدأت في بعض مدارس العاصمة الاماراتية أبوظبي “الصفوف الالكترونية” باستقبال تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 7- 8 أعوام في تجربة تعد الارقى في وسائل التعليم المعاصرة.
وتعتمد “الصفوف الالكترونية” التي طبقت في ست مدارس وفي الصفين الثالث والرابع على الكمبيوتر اللوحي “آي باد” والمحمول وكاميرات المراقبة والتواصل عبر الانترنت بين التلاميذ والمعلم بدلا من السبورات والطباشير والكتب.
وجهزت الفصول الدراسية بالشاشات التفاعلية التي تعمل باللمس ويتم التحكم بها من طاولة التلميذ.
ونقلت صحيفة “ذي ناشونال” التي تصدر باللغة الانكليزية في أبوظبي عن مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور مغير خميس الخييلي قوله “ان التطبيق الكامل لهذا البرنامج سيكون في ايلول/ سبتمبر 2012 موضحا ان الصف الإلكتروني سيتم من خلاله تسليم كل طالب لاب توب وآي باد، وسيتم تركيب كاميرات مراقبة داخل هذه الفصول الدراسية، ليس بغرض المراقبة، ولكن من خلالها يستطيع كل ذوي الطلبة الدخول عليها ومعرفة طرق التعليم في الفصل، بالإضافة الى امكانية ربط الفصول الدراسية في مدارس عدة ببعضها في الوقت نفسه، والاستفادة من شرح معلم آخر في مدرسة أخرى في حالة تغيب معلم الفصل”.
وأضاف الخييلي “في الصف الإلكتروني، سيتمكن الطالب من اداء واجباته والاختبارات ومعرفة النتائج عن طريق النظام الموجود على الانترنت، ولن يحتاج المعلم إلى التصحيح في المنزل كما كان يحدث سابقاً”.
وعن وجود خمسة تحديات تواجه العام الدراسي الجديد اشار الخييلي الى الانتقال إلى المدارس الجديدة، وتطبيق النموذج المدرسي الجديد، والتواصل مع ذوي الطلبة، وعمليات التفتيش والاعتماد المدرسي، لافتاً إلى وجود ضعف كبير في عملية التواصل بين المدرسة والمعلم من جهة، وذوي الطلبة من جهة اخرى، ويجب تفعيل التواصل، بالإضافة إلى أن التفتيش في هذا العام سيكون تطوعياً عن طريق قيام 20 مدرسة بالتطوع والتقدم للتفتيش عليها.
وتعرض شركة صغيرة، تتخذ من كندا مقراً لها، الجهاز اللوحي الأقل ثمناً في العالم بهدف تيسير نفاذ ملايين الفقراء إلى الانترنت.
وقدمت شركة “داتاويند” التي يديرها الأخوان الكنديان من أصل هندي “سونيت” و”راجا سينغ” تولي في تشرين الأول/أكتوبر 100 ألف جهاز لوحي من طراز “آكاش” (أي السماء بالهندية) إلى الحكومة الهندية في إطار برنامج من شأنه تيسير نفاذ الطلاب إلى تكنولوجيا المعلومات.
ويبلغ ثمن هذا الجهاز اللوحي 35 دولاراً، وقد صمم في مقر الشركة في مونتريال وصنع في الهند.
ومنذ إطلاق هذه المبادرة العامة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر، ذاع صيت “آكاش”. ومن المتوقع أن تطلق الشركة في آذار/مارس نسخة محسنة من هذا الجهاز تخصص للعامة بسعر يتخطى بقليل الخمسين دولاراً.
وقد تجعل أجهزة القراءة الالكترونية والاجهزة اللوحية الورق أمر باليا بالنسبة لناشري الكتب والمجلات والصحف التي راح قراؤها يعتادون اكثر فاكثر على القراءة على الشاشة من الروايات الى الاخبار.
ويؤكد المحلل تيم باجاران رئيس “كرييتيف ستراتيجيز”، “انها مجرد مسألة وقت قبل ان يتوقف قطع الاشجار وتصبح كل المنشورات رقمية”.
منذ اربع سنوات تساهم شركة امازون العملاقة للتوزيع عبر الانترنت في الترويج لاستخدام الشاشات لقراءة الروايات من خلال جهاز “كيندل” لقراءة الذي تنتجه. وفي العام 2010 فتحت “آبل” شهية كبيرة على اجهزتها اللوحية “آي باد” المثالية لالتهام كل الاشكال الرقمية من افلام ومجلات وكتب.
وازدهار مبيعات اجهزة القراءة والاجهزة اللوحية من شأنه ان يسمح بارتفاع المبيعات العالمية من الكتب الرقمية الى 9.7 مليارات دولار بحلول العام 2016 اي اكثر بثلاث مرات من حجمها في 2011 على ما افاد تقرير لشركة الاستشارات “جونيبر ريسيرتش”.
وتقول انجيلا بوب المديرة التنفيذية المساعدة لمجموعة دراسات الكتب (بي اي اس جي) ان “سوق الكتب الالكترونية تتطور بسرعة كبيرة وسرعة تطور تصرفات المستهلكين تقاس بالاشهر وليس بالسنوات”.
وبالفعل فان القراء الذين يذوقون طعم الرقمي ينجذبون سريعا اليه. فنحو نصف قراء الكتب الورقية والرقمية في آن، مستعدون للتخلي عن الورق اذا عثروا على الكتاب الذي يبحثون عنه بشكل رقمي.
ويقول المحلل آلن فاينر من شركة “غارتنر”، “انا من الذين يعتبرون ان الحماسة الجديدة على الكتب الرقمية تطور اهتمام الناس بالقراءة”.
وبالفعل تظهر الدراسات ان امتلاك جهاز قراءة يؤدي الى ارتفاع في ميزانية القراءة وهو نبأ سار بالنسبة لدور النشر.
ويضيف “في كل مرة يتم فيها تحفيز الناس على القراءة باي طريقة كانت فإننا نطلق الرغبة بالقراءة وهذا الامر يشمل كل الاشكال” معربا عن اقتناعه بان الكتب الورقية ستحتفظ بجزء من السوق ولا سيما بالنسبة للكتب التي تقرأ في المنزل.
ويقول المحلل “هل ان هذا الامر سيدفع دور النشر الى التفكير بطريق مختلفة؟ بالطبع، الا ان ذلك لا يعني ان النشر على الورق قد انتهى”.
ويقول باجاران من جهته ان الحبر والورق لن يختفيا قبل عشر سنوات. ويوضح “كل الذين هم فوق سن الخامسة والربعين شبوا على هذا الشكل من اشكال النشر وسيبقى تاليا مناسبا اكثر بالنسبة لهم لفترة طويلة”.
وسبق وان دقت دراسة حديثة أجراس الخطر في تلاشي القراءة بين اجيال التلاميذ والشباب بعد ادمانهم على الرسائل النصية عبر الموبايل والاجهزة اللوحية.
ووفق احدث استطلاع أجرته مؤسسة الصندوق الوطني للفنون الاميركية فأن نصف المراهقين اليوم لا يقرأون الكتب إلا إذا قدمت لهم.
واشار الاستطلاع الى 50.7 في المائة من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاماً لا يقرأون كتابا لا يشترط في المدرسة أو في العمل، وتنخفض النسبة بالنسبة للاعمار الاكبر ما بين سن 75 نزولا 59 عاماً.
ووصف تقرير لمجلة “نيوزويك” الاخبار بالسارة عندما نتحدث عن تصاعد القراءة والكتابة بين المراهقين، لكن هذه الاخبار تصبح سيئة عندما نعرف انهم لا يقرأون ولا يكتبون غير الرسائل النصية القصيرة المتبادلة عبر الموبايل.
ووصف كاتب التقرير “نيال فيرغسون” الملايين من الشباب برشيقي الاصابع الذين يتبادلون رسالة “تافهة” عبر الموبايل لا تمت بصلة لطقوس الرسائل وحسها في الكتابة.
وقال ان طقوس القراءة التي كانت “معشعشة” في عقول الصغار قبل شيوع الهواتف النقالة قد تلاشت تقريباً اليوم.
واكد ان عادات القراءة في الجامعات قد انخفضت بنسبة واحد لكل ثلاثة طلاب منذ 13 عاماً، وان ثلث طلاب الجامعة لا يقرأون أكثر من ساعة اسبوعياً.
وعزا نيال فيرغسون وهو استاذ جامعي اسباب هذا العزوف الى تصاعد فجوة القراءة في المجتمعات وفق نتائج دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.