يمكن أن يكون لوصف المشاعر السلبية التي تنتابنا تأثير في تهدئتنا، وخاصة المشاعر العفوية التي لا يكون لنا سيطرة عليها، مثل مشاعر الغضب، هذا ما أثبتته دراسة أميركية حديثة نُشرت في مجلة المكتبة العامة للعلوم، والتي اشتملت على 102 مشترك، طلب منهم أداء عمليات حسابية صعبة بوجود شخص مهمته تقييم أدائهم، ولكنه مدرب على أن يعطيهم تقييماً سلبياً، بحيث يكون التقييم مثيراً لمشاعر الغضب، أو أن يحفز لديهم الشعور بالخجل والحرج.
بعدها أعطي نصف المشتركين استبياناً ليصفوا عبره حالتهم العاطفية، وإن كانوا يشعرون بالسعادة أو الفخر أو الانزعاج أو الحذر أو الخجل أو اليأس أو الحزن أو الحماس أو الهدوء أو الحرج أو التفاؤل أو الغضب أو الرضا، وبالإضافة لذلك، أن يحددوا مقدار هذا الشعور وإن كان قوياً أو ضعيفاً، ويوضحوا أيضا إن كانوا لا يشعرون بشيء مطلقاً، بينما أعطي النصف الآخر استبيانا يحتوي على أسئلة حيادية وليس لها أي علاقة بتقييم الحالة العاطفية للمشترك.
وتمت طوال فترة التجربة مراقبة ردود أفعال المشتركين ومشعرات التوتر والغضب لديهم، وخاصة معدل ضربات القلب، بالنتيجة وجد أن عدد ضربات القلب انخفض لدى المشتركين الغاضبين بعد أن قاموا بوصف شعورهم، بينما لم يحدث هذا التغير بعدد ضربات القلب لدى الأشخاص الذين سيطرت عليهم مشاعر الخجل والحرج سواء وصفوا مشاعرهم وقيّموها أم لا.
ودهش الباحثون من النتائج، وكيف أن فعلاً بسيطاً كوصف المشاعر والذي قام به الشخص نفسه دون مساعدة أو تدخل شخص آخر أدى لتأثير ملموس على ردة فعل الجهاز القلبي الوعائي وعلى مستوى التوتر والغضب لديه، وفسروا ذلك بأن عملية الوصف تغيّر طريقة إدراك المشاعر وتحولها من كونها عفوية مجهولة السبب، لتصبح معروفة، وهذا يؤدي لتخفيف تأثيرها السلبي على ضربات القلب ومشعرات التوتر الأخرى.
يُذكر أن المشاعر عملية معقدة، تتألف من عدة مكونات يتدخل فيها الجهاز العصبي الذاتي المسؤول عن الأفعال العفوية، وكذلك مكونات جسدية وعصبية وغدية تؤدي لتغير بتعابير الوجه والصوت والسحنة، وكذلك بمعدل ضربات القلب، ويمكن لبعض الحوادث العاطفية أن تحرض هذه المكونات مؤدية لردة فعل عاطفية معينة، إلّا أن وصف المشاعر والتعبير عنها يمكن أن يغير من طريقة تداخل هذه المكونات مع بعضها مؤدياً لتغيير ردة الفعل العاطفية.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.