أجيال مختلفة وأساليب منوعة، وفئات عمرية متباينة ومدن شمالية وجنوبية التقت في بغداد يجمعهم همّ جماليّ واحد، وحلم بأن في إمكان الفرشاة أن تلون الصباحات بقوس قزح بدلاً من لون الدم القاني، وأن السكين التي تستخدم لذبح الطفولة والفرح قادرة على أن تمزج الزيت بالكانفاس، فتؤثث العيون بالدهشة الوردية بدلاً من الرعب الأسود.
أكثر من 100 عمل فني لأكثر من 100 فنانة عراقية احتفت بها جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في معرض أقيم على قاعتها الرئيسية، تحت شعار "تشكيليات عراقيات"، وبحضور لافت لهيئات دبلوماسية ومسؤولين حكوميين وشرائح ثقافية مختلفة.
وتأتي أهمية المعرض من توقيت افتتاحه في هذا الظرف العراقي الصعب، ففي داخل العاصمة معارك انتخابية ومعارك مسلحة على شمالها واختراقات في أطرافها الجنوبية.
لكن صعوبة ذلك المشهد الأمني لم تكن مبرراً للتساهل في قبول الأعمال المقدمة للمشاركة، فقد وضعت الجمعية اشتراطات إبداعية لم تكن سهلة، بدليل حجب المشاركة عن أكثر من 70 عملاً لم تحصل على قناعة اللجنة الفاحصة.
احتلال أبيض وتهديد ملوّن
لكل فنانة عمل واحد فقط تطرح عبره رؤيتها الجمالية، ولذلك كان هناك نحت وسيراميك ولوحات زيتية، ومائية، وبورتريه، في مشهد بصري آسر أثبت أن التشكيل النسوي المعاصر يعتبر امتداداً لجيل الفنانات الرائدات اللواتي أسسن فناً نسائياً خالصاً في القرن الماضي.
الفنان قاسم سبتي، رئيس جمعية التشكيليين العراقيين، قال لـ"العربية. نت": "بإحساس جميل نشعر بأن قاعات المعارض التشكيلية التي كانت حكراً على المشاركات الرجالية مهددة هذه المرة باحتلال أبيض وهجوم ملوّن، وليس من عجب إذا باركناه جميعنا لأن الطرف المهاجم فيه يملك أنامل رقيقة لم تعد قاعة المطبخ ترضي طموحها فزحفت باتجاه قاعات العرض".
أما الفنانة التشكيلية يسرى العبادي، والتي نادراً ما تغيب عن مثل هذه المشاركات فقالت: "لقد انتزعت التشكيلية العراقية الاعتراف بإبداعها عبر معاناة طويلة حتى وصلت إلى مكانتها الحالية، ليس على صعيد الداخل الوطني فحسب، وإنما على صعيد المشاركات الخارجية عربياً وقارياً أيضاً، وإذا تابعت سجل جوائز المعارض المعروفة فستجد الكثير من أسمائنا تحتل المراكز الأولى".
الجديد والمفاجئ هو عدد الأعمال النحتية المعروضة، والتي دعت أحد النقاد التشكيليين إلى القول إن "عدد النحاتات المشاركات في هذا المعرض يفوق عدد النحاتات العربيات جميعاً؛ لأن عددهن لا يتجاوز أصابع اليدين، وهنا أمامنا عشرات النحاتات العراقيات".

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.