عندما قرر فيفيك وادوا تأليف كتاب عن الفجوة بين الجنسين في مجال التكنولوجيا، سرعان ما أدرك أن عليه إيجاد وسيلة لتجنّب الـ mansplaning، وهو مصطلح يستخدم للسخرية من الرجال الذين يقومون بمحاضرة النساء حول مواضع يعرفن كل شيء عنها. لذلك سعى صاحب المشاريع وأستاذ حوكمة الشركات إلى المقارنة بدلاً من إعلان موقفه، من خلال حشد المصادر للأسباب المباشرة للمشكلة. الكتاب الذي انبثق عن هذا المشروع، بعنوان "نساء مبدعات"، يستند إلى أصوات أكثر من 500 امرأة قُمن بإرسال قصصهن عبر الإنترنت أو تحدثن في مقابلات، متجاوزاً بكثير رقم الأصوات الـ 30 التي كان وادوا والمؤلفة المشاركة، الصحافية والروائية، فاراي تشيديا، قد أملا أن يجمعاها في البداية.

قامت المساهمات بتبادل خبراتهن العملية في قطاع يُهيمن عليه الرجال كثيراً، بحيث، على الرغم من التغني بالمساواة، بإمكانه أن يشبه نادياً للرجال. حيث يتراوحن بين ميجان سميث، نائبة الرئيس في "جوجل"، التي تم تعيينها في الفترة الأخيرة في منصب كبيرة الإداريين للتكنولوجيا في البيت الأبيض، إلى مؤسِسات شركات ناشئة، وتنفيذيات من الأسواق الناشئة، ونساء من المستوى الإداري المتوسط مجهولات الهوية.

وادوا وتشيديا قاما ببناء صورة مناسبة لقطاع بدأ يُدرك أن لديه مشكلة. لقد تم الضغط على شركات التكنولوجيا من ضمنها "جوجل" و"فيسبوك" من قِبل النشطاء بضرورة إصدار تقارير التنوع هذا الصيف، التي أنتجت إحصائيات تُظهر أن النساء يُشكّلن 30 في المائة من القوى العاملة في تلك الشركات ونحو 15 في المائة فقط من الموظفين التقنيين. ويُظهر بحث آخر أن نسبة النساء اللواتي يدرسن تخصص علم الحاسوب انخفضت منذ الثمانينيات، لأن ما يصل إلى نصف النساء يتركن الصناعة في منتصف حياتهن المهنية.

وغالباً ما يتم مناقشة فجوة الأجور، والتعامل مع رعاية الأطفال، وخطر التحرش الجنسي باعتبارها مشكلات بالنسبة للنساء في مجال التكنولوجيا. لكنها أصبحت وقائع حية حين قامت صاحبة إنجاز رائع بالكتابة عن أنها "ضائعة في الظلمة" عندما أصبحت أماً عازبة بعمر 23 عاماً، والمعاناة "لأيام عندما لم أكن متأكدة تماماً أن بإمكاني تحمّل عبء إبقاء ابنتي آمنة ووظيفتي آمنة في الوقت نفسه".

الكتاب يكون بأفضل حالته عندما يبحث في التحدّيات التي تبقى غير مكشوفة. فهناك نساء يشعرن بالقلق من أن الضغط في العمل سيؤدي إلى الإجهاض؛ وأخريات يشعرن بالاستياء من "ضريبة النساء" بضرورة كونهن أذكياء ومجتهدات في العمل مثل الرجال لكن أيضاً عليهن ارتداء الكعب العالي وقضاء ساعات في محاولة الظهور بمظهر لائق على الدوام؛ وعدد قليل من اللواتي يستكشفن الموضوع الصعب الذي يتناول عوامل التوتر بين النساء في مكان العمل.

كتاب "نساء مُبدعات" لا يملك رسالة واضحة لتمكين النساء اللواتي يرغبن في تسلق السلم الوظيفي. في هذا الصدد، الأمر يختلف جداً عما هو موجود في كتاب "تقدمي إلى الأمام" (عام 2013) من تأليف شيريل ساندبرج، كبيرة الإداريين التشغيليين في "فيسبوك"، الذي كان مليئاً بالشعارات الجذابة التي تحثّ النساء على "الجلوس على الطاولة" والمشاركة باستمرار. مع ذلك، القصص الفردية لحل المشكلات اليومية لها قيمتها الخاصة. بعضها، مثل الفكرة بأن وظائف علم الحاسوب ستجذب مزيدا من النساء إذا تمت صياغتها في إطار مساعدة الأشخاص، بشكل مهم وقابل للتطبيق على نطاق واسع.

في عالم حيث أصحاب رأس المال المغامر "الذكور" غالباً ما يتحكمون في التمويل وينتهي بهم المطاف بتحديد أي النساء التي ستحصل على تمويل للأفكار الجديدة، يبدو مناسباً أن كتاب "نساء مبدعات" لم يكن نتيجة حشد المصادر لكن حشد التمويل: وادوا وتشيديا قاما بجمع مبلغ 45 ألف دولار، الذي احتاجاه لتغطية تكاليفهما على الموقع الإلكتروني إنديجوجو. ويشعر المؤلفان بتفاؤل حذر من أن صعود البدائل التي من هذا القبيل سيلعب بحد ذاته دوراً من حيث السماح للنساء باحتلال مكانهن الذين يليق بهن في مركز صناعة تقوم بنحت القرن الحادي والعشرين.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.