أرسلت الشاعرة اللبنانية رولا ماجد رسالة مشفرة إلى النساء عبر ديوانها الجديد «عاقر تلد»، تحثهن فيها على مواصلة مسيرتهن للحصول على كامل حقوقهن والحفاظ على مكتسباتهن. تقول في حوارها مع «الجريدة» إنها لم تصل بعد لتحقيق ما تطمح إليه، وإن ثمة تفاوتاً واضحاً وعدم مساواة على مستوى الحقوق بين النساء وبين الرجال، ولكن الإصرار على فرض أنفسهن موجود.
* صدر لك ديوان بعنوان «عاقر تلد»، ماذا عنه؟
- ديواني «عاقر تلد» هو ولادة مستحيل من رحم الأمل... ورسالة مشفّرة إلى نساء العالم العربي، أحرضهنّ فيها وأحثّهنّ على اقتحام المستحيل. كما في ديواني، تنتصر المرأة في نهاية الصفحات، يفترض بها أن تخرج من أي ساحة صراع منتصرةً.
الديوان تأمّل فكر وانفعال وجداني يرشدني وأنا مطبقة العينين إلى حيث يجب أن أكون، ومن هناك في ظلمة مشمسه أكتب اسمي أحدّد موقعي بخلفية ميتافازقية... هي تجربتي الشعرية الأولى التي تغذت من انفعال غير متهور، متوازن يهب ثقافتي عقلانية عادة ما أنطلق منها وأعتمدها كطقس عندما أكتب الشعر. هي تجربتي الصعبة في الزمن الصعب.
 * يرى البعض أن حضور الذات {الأنثى} طاغ، فما رأيك؟
- بالتأكيد، فالمرأة اللبنانية ناشطة لا بل متقدمة جداً في مجال انتزاع حقوقها ومحافظتها على مكتسباتها المنجزة بفعل نضالها التاريخي... وهي مصرّة على أن تفرض نفسها وتترجم ما ترفعه من شعارات وما تضعه من برامج، وما من حائل أمامها لأنها تملك الإرادة والعزيمة والإصرار ولم تتذرّع يوماً بأي حجّة أو ذريعة لتبرير تقاعس ما.
* ما الذي تفتقده المبدعة وينقصها في مجتمعاتنا؟ وهل تفكرين في المحاذير أثناء كتابتك؟
- تفتقر المبدعة في مجتمعاتنا إلى المناخ الإبداعي وإلى الأرضية السليمة التي يجب أن تنطلق، وإن تفاوتت النسب بين مجتمع وآخر أو بين ثقافة وأخرى. في لبنان مثلاً أو في المغرب العربي، وإلى حدّ ما في مصر، تتضاءل المعوقات التي تواجه المرأة وتعيق إبداعها. في هذا الجزء من الوطن العربي هامش حركتها أكبر وأفق إبداعها أوسع، هذا لا يعني أنها في أماكن أخرى عاجزة أو مشلولة، ولكن الظروف المجتمعية والسياسية والعامل القَبَلي وظاهرة الثقافات الدينيّة التي طغت في المدّة الأخيرة قد أثّرت إلى حد ما وحدّت من نشاط المبدعة، وهذا ما يدفعها إلى اعتماد الإيحاء والرمز في كتاباتها بنسبة قد تتجاوز 80%. أمّا بالنسبة إلي، فأنا لا أفكر بأيّ محاذير، ومتحررة تماماً من أي عائق أو قيد، فيما أعتمد الرمزيّة كمذهب من مذاهب الشعر ولا يتجاوز الإيحاء فيها نسبة 20% تسهيلاً للقارئ وتجنّبا للرمز المعقّد والذي عادة ما يمل منه.
* كيف ترين الحالة الأدبية والوضع الثقافي اللبناني راهناً؟
- للأسف، الواقع الأدبي في لبنان يشهد تراجعاً ملحوظاً لتأثره بدرجة كبيرة بالواقع السياسي، وثمة توجهات إعلامية تناقض ثقافتنا تماماً وهي تضرب حركة الفكر والوعي، خصوصاً على مستوى النشء وتسبب خللاً في التوازن الثقافي وتعيق مسيرة النمو الفكري على مستوى الإبداع .
* هل على المبدع أن يكون ملتزماً ومسؤولا في تربية ذائقة المتلقي؟
- المبدع ليس ملتزماً بتقديم النواحي الذوقية والمزاجية لدى القارئ المتلقي غير الراغب أصلا في تلقّي أي مادة أدبية أو ثقافية يعتبرها ضيفاً ثقيلاً وغير مرغوب فيه، وهذا الأمر ينبع من ثقافات الجهل وما يغزونا من ثقافات مشبوهة كالإنترنت والتواصل الاجتماعي، والتي أفسدت الذوق الأدبي لديه وأبعدته عن مفاهيم الثقافة، للأسف. يحتاج هذا الواقع إلى خطة عمل وبرامج وإعلام نظيف موجه وسياسات تربوية تقوّم وتصحح ما أفسدته ثقافات غازية دمرت كثيراً من قيمنا ومفاهيمنا.
* هل تركزين ناظريك على الشعر فحسب، أم على أجناس أدبية أخرى؟
- متفرّغة للشعر راهناً ولنشاطي في مجال حقوق المرأة.
* ما رأيك في ما يقال عن أن القصيدة ما هي إلا مسار لتأريخ فردي أشبه بحلم يراه شخص واحد، ولا يهتم باطلاع الآخرين عليه؟
- القصيدة أشبه بحلم؟ ربما، فقصيدتي هي سرياليتي! قد تكون القصيدة مساراً لتاريخ، يصحّ هنا أن نحذف منه ما يتعلق بفردية ما أو بمفهوم الأنا... وهي في رأيي كيان مستوف لكل معايير النور الإبداعي.
* ماذا عن الحركة النقدية في لبنان؟
- لا يمكن الرهان على النقد في عملية التقويم الأدبي لغياب النقد البنّاء.
* يرى البعض أن النقاد يجاملون كتابات المرأة لكونها امرأة، ولا يقيّمون منجزها الأدبي بموضوعية؟
- صحيح، أن البعض من النقّاد العرب يعتمد ذلك الأسلوب المسيء إلى أدبنا وثقافتنا فيجامل المرأة فعلاً، خصوصاً التي تملك مواصفات جمالية معيّنة فيما لا يرتقي نتاجها إلى مستوى المعايير المطلوبة، فيرفع من شأن هذا النتاج باحترافية نقدية تكاد تكون مقنعة وهي عكس ذلك، وهذا الشكل من أشكال النقد المدمّر ولا يجوز القبول به. ولكن في المحصّلة كل نتاج أدبي سواء كان {أنثوياً} أو {ذكورياً} بات اليوم يحدده القارئ المثقّف وليس الناقد.
* بمن تأثرت في كتاباتك الشعرية عربياً وعالمياً؟
- بما أنني أنتمي إلى الأدب الملتزم فمن الطبيعي أن أتأثر بشعراء التزموا قضايا أمّتهم، أبرزهم محمود درويش وسميح القاسم وموسى شعيب... ومن المجددين أعشق جبران خليل جبران الذي جدّد الشعر العربي. أما الأدب العالمي فلم أتأثر به.
* هل لديك طقوس خاصة في الكتابة؟
- طقسي هو الألم، بمفهومه العام وليس الخاص. تستحضرني القصيدة عندما أكون في حالة وجدانية قلقة، فأشعر بالحاجة إلى التعبير عن مكنونات نفسية، ورغم الدموع التي تبلل بعض صفحاتي، فهي تشهد في آخر سطورها دموع فرح!
* ما جديدك في الفترة المقبلة؟
- باقة قصائد في ديوان جديد سيصدر لي قريباً.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.