لم يمر خبر وفاة الفنان السوري نضال سيجري، 48 عاما، كأي خبر عادي في بلد فقد أكثر من 100 ألف قتيل في فتيل صراع اشتعل قبل عامين ونصف.
هذا النزاع الذي قسم السوريين لمجموعات يصعب تعدادها بين مؤيد ومعارض، وبين مؤيد للكتائب الإسلامية ومؤيد للجيش الحر، وبين ذوي الحل السلمي والحل العسكري.. إلا أن خبر رحيل الفنان، الذي عانى في سنوات عمره الأخيره من سرطان في الحنجرة انتهى بإجراء عملية لاستئصالها خشية انتشار المرض، جمع كل الأطياف في الترحم على روحه "السورية الأصيلة".
فما أن انتشر خبر رحيل سيجري، الذي شيّع جثمانه صباح اليوم الجمعة من منزل شقيقته في مدينة اللاذقية مسقط رأسه، حتى امتلأت صفحته على فيسبوك بمئات رسائل التعازي فمنهم من بكاه ومنهم من بكى سوريا التي كان الأخير يدعو دائما لمحبتها بعيدا عن الصراع المسلح الذي أغرق البلاد.
وفي عزاء سيجري كتب الفنان أيمن زيدان "لغيابك يانضال طعم العلقم.. تغمدتك السماء بالرحمه.. نضال سيجري الصديق الذي رحل مبكرا وترك ووراءه سحبا من الوجع والحزن".
كما كتب الممثل المعارض جلال الطويل قائلا "وداعا نضال سيجري وداعا أبو وليم.. وداعا أيها السوري الأصيل.. أيها الممثل الجميل.. أيها الإنسان النبيل".
وكتب السيناريست السوري خالد خليفة على صفحته في فيسبوك "لا عزاء برحيلك يانضال.. وداعا نضال سيجري".
وقالت لمى، إحد ساكنات العاصمة دمشق ومعارضة للنظام السوري:"وفاة نضال سيجري وحدنا في مشاعرنا.. جميعنا بكيناه.. معارضون وموالون للنظام بكيناه.. وربما بكينا أنفسنا".
وتضيف "لطالما استصرخ نضال فينا الإنسان.. هو ضد استخدام السلاح بالمطلق ما جعل لديه معارضون كثر إلا أن وفاته جعلتنا نفكر من جديد!".
وكان سيجري أفرد صفحته على فيسبوك لنشر رسالة محبة بين مختلف السوريين، ويدعو إلى التواصل والحوار كرمى "للأم العظيمة سوريا" على حد وصفه.
"من هم أجداده هؤلاء العشاق.. سلطان باشا الأطراش، ابراهيم هنانو، فارس الخوري، يوسف العظمة، حسن الخراط.، عز الدين القسام، جول جمّال، الشيخ صالح العلي، أبو خليل القباني، بدوي الجبل.. وغيرهم الكثيرين من العشاق فعليه ألاّ يخاف".
هذه الكلمات هي الأخيرة التي كتبها الفنان السوري الراحل بصفحته على فيسبوك منتصف أبريل الماضي في دعوة منه لطمأنة السوريين لمستقبل البلاد التي تشهد نزاعا مسلحا داميا ومستمرا.
وكتب سيجري أواخر 2012 "أيها الديموقراطيون.. سوريا لكل السوريين.. ألسنا طلاب ديموقراطية؟ وحرية رأي؟ لماذ إذا نغضب ممن نختلف معهم؟ نحتلف مع بعضنا حدّ القتل؟".
"سرير من تراب"
وشيّع صباح الجمعة جثمان الفنان الرحال نضال سيجري من منزل شقيقته في مدينة اللاذقية، مسقط رأسه، مرورا بالمسرح القومي حيث سجيَّ جثمانه على خشبة المسرح تلبية لوصيته الأخيرة.
وحضر التشييع سكان مدينة اللاذقية وعدد من الفنانين الذي تمكنوا من الحضور أمام صعوبة استخدام الطرقات الواصلة بين المدن نتيجة الأوضاع الأمنية المتردية والاشتباكات المستمرة.
ومن أواخر ما كتب سيجري على صفحته "الابن: أمي أريد أن أعود طفلا صغيرا وتهزّي لي سريري كي أغفو وأنام... الأم: ليتني أستطيع يا ولدي ولكن سريرك صار عبارة عن حفرة من تراب وحجر".


حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.