الدولة كيان افتراضي إعتباري معنوي نظامي لا دين له، بينما الأفراد عكس ذلك، وبالتالي هناك إنسان مسلم ومسيحي وبهائي وشيعي وملحد، وهناك مؤيد للعلمانية ومتفق معها أي كان توجهه دون أن يضر ذلك بدينه أو معتقده.

العلمانية لا تُعادي الدين، ولكنها تُعادي الجهل والتغييب والخرافة، بالتالي لو كان فهمك للدين يختزله في التغييب والجهل والتخلف، فالعلمانية ضدك.


 العلمانية لا ترفض الدين، إنما ترفض أن يتميز اتباع دين ما على غيرهم من أتباع ديانات ومعتقدات اخرى، أو ممن لا يعتنقون دينًا من الأساس، إذ أن ذلك التمييز ينطوي بالضرورة على إنتقاص من حقوق جماعة لحساب اخرى.


العلمانية تترك لك مساحة الحريّة بأن تلتزم بدينك كيفما شئِت، شريطة ألاّ يؤثر التزامك ذلك سلباً على حريات غيرك من المواطنين. العلمانية ليست قضية رفض تعاليم الدين أو ازدراء التزاماته وشرائعه كما يحلو للبعض تصويرها، إنما هي، بكل بساطة وتجريد، المُطالبة بأن يكون لكل فرد حريته الدينية في الالتزام بعقيدته أو تركها أو الإنتقال منها إلى أخرى، كل ذلك دون التدخل في شأن غيره من الافراد أو الجماعات، وعدم التمييز بين مواطن وآخر على اسس دينية أو جنسية أو عرقية.


غالبًا ما يقع إلتباس وخطأ مُتعمّد لخدمة رجال السياسة والدين، بإستبدال كلمة “علماني” بكلمة ”مدني“، إلى حد أن البعض يتحدث عن وجود ”دولة مدنية“. بالطبع لا يوجد شيء اسمه ”دولة مدنية“ وهي محض نصب وخرافة، فكلمتا ”علماني“ و ”مدني“ لا تتساويان، بل تعبران عن مفهومين مختلفين تمامًا. فإن كان المعنى الأساسي لكلمة علماني هو فصل المؤسسات الدينية عن السياسية، فإن كلمة مدني تشير للنشاطات والتكوينات الاجتماعية التي ينضم لها الأفراد من المواطنين بشكل تطوعي. ومجموع هذه التكوينات يطلق عليها اسم ”مؤسسات المجتمع المدني“، وهي تكوينات توجد في الفضاء المتوسط الواقع بين الدولة والأسرة وأعمال النشطاء وفعاليتاهم.


العلمانية تطور نفسها بالنقد والحوار المشترك بين جميع الأطياف، لأنه معطى بشري قابل للتعديل والتغيير فيه، على عكس الشرائع الصماء التي ظلّت كما هي، ولم تزدها التفاسير والشروح إلا بعدً عن الواقع.


العلمانية فكر ومنهج، وليست نظرية إقتصادية، بالتالي الدولة العلمانية قد تأخذ بالنظام الإشتراكي او الرأسمالي، فهي لا يحكمها نظام اقتصادي ذو طابع معين او مرجعية، بل ذلك يتوقف على شكل إستثماراتها وشكل رؤوس الأول والمشاريع المتاحة.


العلمانية هي أن يظلّ كل فرد حر في حياته الخاصة، دون ممارسة إجبارة عليه أو توجيه، طالما لم يؤذ غيره بدنيًا ولم يخالف قوانين البلاد، الله سيحاسب كل فرد على حدا، وكذلك القانون، بالتالي لا وجود لأمر بمعروف او نصح وإرشاد أو ترغيب وترهيب، كلها سلع دينية فجة.


الدين هو أحد طرق الوعي لفهم الواقع والتعامل معه، في مرحلة زمنية ومكانية معينة، ويستقم معه في ذلك الفن والعلم، بالتالي لا حياة تقوم إلا بوجود ثلاثتهم متوازييّن في الأهمية، ويتم ذلك في الدولة ذات النظام العلماني.


العلمانية لا تمنع المؤمن المتدين من طاعة ولا تُجبره على معصيّة، ولكنها ستضعه في سياق إجتماعي قابل للتطور بالضرورة دائمًا يكرهه ويحاول الهروب منه،ستجعله على قدم المساواة مع غيره أي كان فكرهم ومعتقدهم.


ربما يحارب الشيوخ العلمانية لأنهم يعرفون أنها ستنادي بفصل وزارة الأوقاف بما لديها من مؤسسات ومصالح وأموال وجوامع عن تمويل الدولة، وجعلها مؤسسات مستقله تعمل خارج المنظومه الحكومية، وهذا ينطبق على كل المؤسسات الدينيه الأخرى.


العلمانية كإتجاه فكري وسياسي تعني فصل الدين عن الدولة وليس فصل الدين عن الحياة في المجتمع، بمعنى فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية، وبالتالي يمكن لأي مواطن أن يعبد ما يقدسه دون تدخل من الدولة أو الأشخاص في اختيار معتقداته، ولكن متاح للجميع نقدها ومناقشتها، وسيحميه القانون من إعتداء غيره على شخصه إن حاول ذلك أو إجباره على ترك فكره ومعتقده، وفي ظلها سيمكن لكل شخص نشر فكرته بكل حرية طالما لا يُرغم أحد عليها أو يرهب بها غيره.


لا ديمقراطية بدون حرية سياسية وحرية فكرية وحرية دينية. وإنطلاقـًا من هذا فإن الموقف العلماني يساوي بعدالة بين الأديان والمُعتقدات، ويصرّ على ضرورة خلق أرضية مستوية لا يتميز فيها أصحاب أي دين، أو معتقد، على أصحاب الأديان أو المعتقدات الأخرى أو المذاهب الأخرى.


الدين هو النص المقدس، هو الجوهر الروحي، والخطاب الديني، هو الفهم النسبي المتغير، المرحلي، لدى كل شخص، بالتالي حينما تدمج الخطاب الديني دوجماتيقيًا ليحلّ محل الدين، يظهر التطرف في إطلاق النسبي، والعلو به للتقديس. لا يوجد دين سلفي… بل خطاب ديني سلفي.. لا يوجد دين متسامح، بل خطاب ديني متسامح، الدين بلا وصف ولا توصيف.


حين يتم الفصل بين الدين والخطاب الديني، ربما حينها سيتم حلّ كافة المشكلات الطائفيّة والعنصريّة والعرقيّة الناتجة من الفهم المغلوط للنص.


غالبًا تقوم الدولة القائمة على الشريعة الإسلامية بتشجيع المواطنين على ترك أديانهم واعتناق الإسلام الدين الحق، بل وربما تجبرهم على ذلك، ثم تعاقب من يترك الإسلام، حاليًا لا حرية معتقد في ظلّ دولة الشريعة.


أحد صور العلمانية في بساطتها، أن تشتري من البقال المسيحي دون أن تمايز بينه وبين البقال المسلم، أن تعيّد من قلبك على جيرانك وأصدقائك في أفراحهم أيّ كان معتقدهم، أن لا تشفر القنوات الدينية المسيحية من جهاز إستقبالك، ولا تحول القناة طبعًا وقت الآذان، أن تقرأ كل ما تطاله يداك عن ثقافات ومعتقدات الشعوب، دون أي نظرة إستعلائية.


تحتمى ثقافة المجتمع الذكورى والنظام الابوى بالاصوليات الدينية والعكس صحيح فكلاهما يؤمن للاخر البقاء، حيث العدو الاول لكليهما هو الثقافة المنفتحة ومعطيات المستقبل، ربما خير دليل على ذلك فى الحالة المصرية نتائج الانتخابات لصالح تيار الاسلام السياسى بمحافظات الصعيد مقارنة ببقية محافظات ومدن الجمهورية.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.