قُتل 9 يمنيين على الأقل وأصيب عشرات آخرين بهجوم الاحتلال الإسرائيلي على مدينة الحديدة غربي البلاد يوم السبت. في أول هجوم للاحتلال معترف به على الأراضي اليمنية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وقال زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي يوم الأحد في خطاب متلفز: فنحن سعداء جداً بالمعركة المباشرة بيننا وبين العدو الإسرائيلي.

وهو ما يدعو للتساؤل حول دوافع سعادة الحوثيين في وجود مواجهة مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، وكيف يؤثر على صورة الجماعة داخلياً وخارجياً؟! جيب عديد من المحللين عن التساؤلين.

وقالت ندوى الدوسري الباحثة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن إن “الضربة الجوية الإسرائيلية هي بالضبط ما سعى إليه الحوثيون منذ فترة طويلة لإضفاء الشرعية على توطيد سلطتهم”.

وقال غريغوري يونسن المدير الشريك في معهد النزاعات المستقبلية التابع لكلية سلاح الجو الأميركي إن “أكثر ما يريده” الحوثيون هو أن “يظهروا على أنهم يقاتلون التحالف الأميركي-الصهيوني”.

وقال يونسن الخبير في شؤون اليمن أن “هذا الأمر يساعدهم محليا من خلال تقاطع أهداف الحوثيين مع القضية الفلسطينية التي تحظى بمناصرة كبيرة في اليمن”.

لماذا لا تردع الحملة الأمريكية الحوثيين؟!.. (واشنطن بوست) تجيب
لماذا الحوثيون سعداء للغاية بحرب غزة؟!.. مجلة أمريكية تجيب
حشد الجمهور وزيادة القمع
من جانبه يرى ابراهيم جلال الباحث اليمني في معهد الشرق الأوسط إن الحوثيين سيستخدمون الهجمات الإسرائيلية لحشد الجمهور حول العلم من أجل تصعيد مفتوح في الداخل والخارج.

قالت صحيفة يديعوت أحرنوت نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين إن “تل أبيب تتوقع رد للحوثيين على هجمات الحديدة، وسنضربهم بقوة”.

يُجمع اليمنيون على دعم الفلسطينيين في قطاع غزة، ورفض الهجمات الإسرائيلية في الحديدة. الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والأحزاب السياسية المؤيدة لها اصدرت بيانين يهاجمان الاحتلال الإسرائيلي ويصفان الهجمات بـ”العدوان السافر”، و”انتهاك السيادة اليمنية”.

وترى الدوسري أن الهجمات الإسرائيلية تقدم “ذريعة لزيادة قمع السكان والعنف في اليمن وخارجها”.

ويتفق معها “جلال” بالقول إن الهجمات الإسرائيلية تمنح الحوثيين خطط مواصلة القمع بلا منازع باستخدام اتهامات “الموالية للصهيونية والموالية لأمريكا” كذريعة.

وقال زعيم الحوثيين في خطاب الأحد: من أهم فوائد الأحداث، ونتائجها، هي: التجليات التي تفرز وتكشف الناس على حقيقتهم، اليوم مع دخول العدو الإسرائيلي في العدوان المباشر على بلدنا، هي فرصة من أكبر الفرص لمعرفة الآخرين على حقيقتهم، من هو المنافق بكل ما تعنيه الكلمة”.

ومؤخراً اُتهم عشرات العاملين في وكالات الأمم المتحدة والموظفين السابقين في السفارات الغربية بالعمل لصالح أجهزة مخابرات الولايات المتحدة وإسرائيل.

ولفت جلال إلى أن الحوثيين يريدون البقاء في “حالة حرب مفتوحة لتجنب واجبات الحوكمة (الرواتب والخدمات والحقوق)”.

وتتفق الدوسري مع جلال، مضيفة أن “الحوثيين يتفوقون في إثارة الصراع للحفاظ على سلطتهم”.

يشير جلال إلى أن الحوثيين يسعون إلى عزل “المجتمع وحصره في ثنائية “معنا أو ضدنا” مع استمرار التلقين”.



التجنيد
وقال ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لوكالة فرانس برس إن الضربة تضفي مشروعية على ادعاءات الحوثيين أنهم يخوضون حربا مع إسرائيل، ما من شأنه أن يجعل الجماعة أكثر استقطابا وسط غضب عارم في اليمن حيال الحرب الدائرة في غزة.

من جهتها واعتبرت أفراح ناصر، المحلّلة في “المركز العربي واشنطن دي سي” أنه “بالنسبة للمتمرّدين، تشكّل هذه الهجمات أداة دعائية هامة. يمكن حشد مؤيديهم عبر تصوير أنفسهم مدافعين بوجه عدوان خارجي جديد”.

وقالت ناصر “هذا الأمر يمكنه أن يشكل عامل جذب لمجنّدين جدد وأن يقوي قاعدتهم”.



الأسلحة الإيرانية
ميناء الحديدة الذي يعد نقطة دخول حيوية لواردات الوقود والمساعدات الدولية لمناطق يسيطر عليها الحوثيون، بقي إلى حد كبير بمنأى من الحرب.

وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الهجمات على ميناء الحديدة لأن الحوثيين يستخدمون الميناء لاستقبال الأسلحة الإيرانية.

وقال المحلّل السياسي أندرياس كريغ المحاضر في الدراسات الأمنية في كلية كينغز اللندنية، إن الضربة الإسرائيلية “لن تضعف على نحو كبير سلاسل إمداد الحوثيين” بالأسلحة.

وأضاف في تصريح لفرانس برس إن “مكوّنات الصواريخ يمكن تسليمها بطرق مختلفة ولا تتطلب منشآت مرفئية كبرى”، موضحا أن “إيران نوّعت على نحو كبير سلاسل الإمداد وستجد طرقا أخرى” لتسليم مكوّنات الأسلحة التي يمكن تجميعها محليا.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.